فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{أَنْ تُصيبُواْ} تعليل للأمر بالتبين أي فتبينوا كراهة أن تصيبوا أو لئلا تصيبوا {بَعْدَهَا قَوْمًا} أي قوم كانوا {بجهالة} ملتبسين بجهالة لحالهم، ومآله جاهلين حالهم، {فَتُصْبِحُواْ} فتصيروا بعد ظهور براءتهم عما رموا به {على مَا فَعَلْتُمْ} في حقهم {نادمين} مغتمين غمًا لازمًا متمنين أنه لم يقع، فإن الندم الغم على وقوع شيء مع تمني عدم وقوعه، ويشعر باللزوم وكذا سائر تصاريف حروفه وتقاليبها كمدن بمعنى لزم الإقامة ومنه المدينة وأدمن الشيء أدام فعله، وزعم بعضهم أن في الآية إشارة إلى أنه يجب على الإنسان تجديد الندم كلما ذكر الذنب ونسب إلى الزمخشري وليس بشيء، وفي (الكشف) التحقيق أن الندم غم خاص ولزومه قد يقع لقوته في أول الأمر وقد يكون لعدم غيبة موجبه عن الخاطر، وقد يكون لكثرة تذكره ولغير ذلك من الأسباب، وأن تجديد الندم لا يجب في التوبة لكن التائب الصادق لا بد له من ذلك. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}.
هذه الجملة بيان لجملة {ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض} [الحجرات: 2] بيانًا بالمثال وهو سبب النزول.
فهذا شروع في الغرض والذي نشأ عنه ما أوجب نزول صدر السورة فافتتح به لأن التحذير والوعد اللذين جعلا لأجله صالحان لأن يكونا مقدمة للمقصود فحصل بذلك نسج بديع وإيجاز جليل وإن خالف ترتيب ذكره ترتيبَ حصوله في الخارج، وقد صادف هذا الترتيب المحز أيضًا إذ كان نداؤهم من وراء الحجرات من قبيل الجهر للرسول صلى الله عليه وسلم بالقول كجهر بعضهم لبعض فكان النهي عن الجهر له بالقول تخلصًا لذكر ندائه من وراء الحجرات.
والمراد بالذين ينادون النبي صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات جماعة من وفد بني تميم جاؤوا المدينة في سنة تسع وهي سنة الوفود وكانوا سبعين رجلًا أو أكثر.
وكان سبب وفود هذا الوفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن بني العنبر منهم كانوا قد شهروا السلاح على خزاعة، وقيل كانوا منعوا إخوانهم بني كعب بن العنبر بن عمرو بن تميم من إعطاء الزكاة، وكان بنو كعب قد أسلموامن قبلُ ولم أقف على وقت إسلامهم، والظاهر أنهم أسلموا في سنة الوفود فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر بن سفيان ساعيًا لقبض صدقات بني كعب، فمنعهم بنو العنبر فبعث النبي صلى الله عليه وسلم عُيينة بنَ حصن في خمسين من العرب ليس فيهم أنصاري ولا مهاجري فأسر منهم أحد عشر رجلًا وإحدى عشرة امرأة وثلاثين صبيًا.
فجاء في أثرهم جماعة من رؤسائهم لفدائهم فجاؤوا المدينة.
وكان خطيبهم عطارد بن حاجب بن زراره، وفيهم سادتهم الزبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم، والأقْرع بن حابس، ومعهم عيينة بن حصن الفزاري الغَطفاني وكان هذان الأخيران أسلما من قبل وشهدا مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة الفتح، ثم جاء معهم الوفد فلما دخل الوفد المسجد وكان وقت القائلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم نائم في حجرته، نَادوا جميعًا وراء الحجرات: يا محمد اخرُج إلينا ثلاثًا، فإن مَدحَنا زَين، وإن ذمنا شَيْن، نحن أكرم العرب سلكوا في عملهم هذا مسلك وفود العرب على الملوك والسادة، كانوا يأتون بيت الملك أو السيد فيطيفون به يُنادون ليؤذن لهم كما ورد في قصة ورود النابغة على النعمان بن الحارث الغسَاني.
وقولهم: إن مدحنا زيْن، طريقة كانوا يستدرون بها العظماء للعطاء فإضافة: مدحنا وذمنا إلى الضمير من إضافة المصدر إلى فاعله.
فلما خرج إليهم رسول الله قالوا: جئناك نفاخرك فَاذَنْ لشاعرنا وخطِيبنا إلى آخر القصة.
وقولهم: نفاخرك، جروا فيه على عادة الوفود من العرب أن يذكروا مفاخرهم وأيامهم، ويذكرَ الموفُودُ عليهم مفاخرَهم، وذلك معنى صيغة المفاعلة في قولهم: نفاخرك، وكان جمهورهم لم يزالوا كفارًا حينئذٍ وإنما أسلموا بعد أن تفاخروا وتناشدوا الأشعار.
فالمراد بـ {الذين ينادونك} رجال هذا الوفد.
وإسناد فعل النداء إلى ضمير {الذين} لأن جميعهم نادوه، كما قال ابن عطية.
ووقع في حديث البراء بن عازب أن الذي نادى النداء هو الأقرع بن حابس، وعليه فإسناد فعل {ينادونك} إلى ضمير الجماعة مجاز عقلي عن نسبة فعل المتبوع إلى أتباعه إذ كان الأقرع بن حابس مقدَّم الوفد، كما يقال: بنو فلان قتلوا فلانًا.
وإنما قتله واحد منهم، قال تعالى: {وإذ قتلتم نفسًا} [البقرة: 72].
ونفي العقل عنهم مراد به عقل التأدب الواجب في معاملة النبي صلى الله عليه وسلم أو عقل التأدب المفعول عنه في عادتهم التي اعتادوها في الجاهلية من الجفاء والغلظة والعنجهية، وليس فيها تحريم ولا ترتب ذنب.
وإنما قال الله تعالى: {أكثرهم لا يعقلون} لأن منهم من لم يناد النبي صلى الله عليه وسلم مثلَ ندائهم، ولعل المقصود استثناء اللذيْن كانا أسلما من قبل.
فهذه الآية تأديب لهم وإخراج لهم من مذام أهل الجاهلية.
والوراء: الخلف، وهو جهة اعتبارية بحسب موقع ما يضاف إليه.
والمعنى: أن الحجرات حاجزة بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم فهم لا يرونه فعبر عن جهة من لا يرى بأنها وراء.
و{من} للابتداء، أي ينادونك نداء صادرًا من وراء الحجرات فالمنادون بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم كانوا وراء حجراته فالذي يقول: ناداني فلان وراء الدار، لا يريد وراء مفتح الدار ولا وراء ظهرها ولكن أيَّ جهة منها وكان القوم المنادون في المسجد فهم تجاه الحجرات النبوية، ولو قال: ناداني فلان وراء الدار، دون حرف {مِن}، لكان محتمِلًا لأن يكون المنادي والمنادَى كلاهما في جهة وراء الدار، وأنَّ المجرور ظرف مستقر في موضع الحال من الفاعل أو المفعول ولهذا أوثر جلب {مِن} ليدل بالصراحة على أن المنادَى كان داخل الحجرات لأن دلالة {مِن} على الابتداء تستلزم اختلافًا بين المبدإ والمنتهَى كذا أشار في (الكشاف)، ولا شك أنه يعني أن اجتلاب حرف {مِن} لدفع اللبس فلا ينافي أنه لم يُثبت هذا الفرق في قوله تعالى: {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم} في سورة الأعراف (17) وقوله: {ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض} في سورة الروم (25).
وفيما ذكرنا ما يدفع الاعتراضات على صاحب الكشاف.
فلفظ {وراء} هنا مجاز في الجهة المحجوبة عن الرؤية.
والحُجُرات، بضمتين ويجوز فتح الجيم: جمع حُجْرة بضم الحاء وسكون الجيم وهي البقعة المحجورة، أي التي منعت من أن يستعملها غير حاجرها فهي فُعلة بمعنى مفعولة كغُرفة، وقُبضة.
وفي الحديث: أيقظوا صواحب الحجر يعني أزواجه، وكانت الحجرات تفتح إلى المسجد.
وقرأ الجمهور {الحجرات} بضمتين.
وقرأه أبو جعفر بضم الحاء وفتح الجيم.
وكانت الحجرات تِسعًا وهي من جريد النخل، أي الحواجز التي بين كل واحدة والأخرى، وعلى أبوابها مُسوح من شعر أسود وعَرض البيت من باب الحجرة إلى باب البيت نحو سبعة أذرع، ومساحة البيت الداخل، أي الذي في داخل الحجرة عشرة أذرع، أي فتصير مساحة الحجرة مع البيت سبعة عشر ذراعًا.
قال الحسن البصري: كنت أدخل بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في خلافة عثمان بن عفان فأتناول سُقْفها بيدي.
وإنما ذكر الحجرات دون البيوت لأن البيت كان بيتًا واحدًا مقسمًا إلى حجرات تسع.
وتعريف {الحجرات} باللام تعريف العهد، لأن قوله: {ينادونك} مؤذن بأن الحجرات حجراته فلذلك لم تعرف بالإضافة.
وهذا النداء وقع قبل نزول الآية فالتعبير بصيغة المضارع في {ينادونك} لاستحضار حالة ندائهم.
ومعنى قوله: {ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرًا لهم} أنه يكسبهم وقارا بين أهل المدينة ويستدعي لهم الإقبال من الرسول صلى الله عليه وسلم إذ يخرج إليهم غير كاره لندائهم إياه، ورفع أصواتهم في مسجده فكان فيما فعلوه جلافة.
فقوله: {خيرًا} يجوز أن يكون اسم تفضيل، ويكون في المعنى: لكان صبرهم أفضل من العجلة.
ويجوز أن يكون اسما ضدّ الشر، أي لكان صبرهم خيرًا لما فيه من محاسن الخُلق بخلاف ما فعلوه فليس فيه خير، وعلى الوجهين فالآية تأديب لهم وتعليمهم محاسن الأخلاق وإزالة لعوائد الجاهلية الذميمة.
وإيثار {حتى} في قوله: {حتى تخرج إليهم} دون (إلى) لأجل الإيجاز بحذف حرف (أن) فإنه ملتزم حذفه بعد {حتّى} بخلافه بعد (إلى) فلا يجوز حذفه.
وفي تعقيب هذا اللوم بقوله: {واللَّه غفور رحيم} إشارة إلى أنه تعالى لم يُحْص عليهم ذنبًا فيما فعلوا ولا عَرّض لهم بتوبة.
والمعنى: والله شأنه التجاوز عن مثل ذلك رحمة بالناس لأن القوم كانوا جاهلين.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)}.
هذا نداء ثالث ابتدئ به غرض آخر وهو آداب جماعات المؤمنين بعضهم مع بعض وقد تضافرت الروايات عند المفسرين عن أم سلمة وابن عباس والحارث بن ضرارة الخزاعي أن هذه الآية نزلت عن سبب قضية حدثت.
ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث الويد بن عقبة بن أبي مُعيط إلى بني المصطلق من خزاعة ليأتي بصدقاتهم فلمّا بلغهم مجيئه، أو لمّا استبطأُوا مجيئه، فإنهم خرجوا لتلقيه أو خرجوا ليبلغوا صدقاتهم بأنفسهم وعَليهم السلاح، وأن الوليد بلغه أنهم خرجوا إليه بتلك الحالة وهي حالة غير مألوفة في تلقي المصدقين وحدثته نفسه أنهم يريدون قتله، أو لما رآهم مقبلين كذلك على اختلاف الروايات خاف أن يكونوا أرادوا قتله إذ كانت بينه وبينهم شحناء من زمن الجاهلية فولّى راجعًا إلى المدينة.
هذا ما جاء في روايات أربع متفقة في صفة خروجهم إليه مع اختلافها في بيان الباعث لهم على ذلك الخروج وفي أن الوليد أُعلم بخروجهم إليه أو رآهم أو استشعرت نفسه خوفًا وأن الوليد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن بني المصطلق أرادوا قتلي وأنهم منعوا الزكاة فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهمّ أن يبعث إليهم خالدَ بن الوليد لينظر في أمرهم، وفي رواية أنه بعث خالدًا وأمره بأن لا يغزوهم حتى يستثبت أمرهم وأن خالدًا لما بلغ ديار القوم بعث عينًا له ينظر حالهم فأخبره أنهم يقيمون الأذان والصلاة فأخبرهم بما بلغ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عنهم وقبض زكاتهم وقفل راجعًا.
وفي رواية أخرى أنهم ظنوا من رجوع الوليد أن يُظن بهم منع الصدقات فجاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يخرج خالد إليهم متبرئين من منع الزكاة ونية الفتك بالوليد بن عقبة.
وفي رواية أنهم لما وصلوا إلى المدينة وجدوا الجيش خارجًا إلى غزوهم.
فهذا تلخيص هذه الروايات وهي بأسانيد ليس منها شيء في (الصحيح).
وقد روي أن سبب نزول هذه الآية قضيتان أخريان، وهذا أشهر.
ولنشتغل الآن ببيان وجه المناسبة لموقع هذه الآية عقب التي قبلها فإن الانتقال منها إلى هذه يقتضي مناسبة بينهما، فالقصتان متشابهتان إذ كان وفد بني تميم النازلةُ فيهم الآية السابقة جاؤوا معتذرين عن ردهم ساعي رسول الله صلى الله عليه وسلم لقبض صدقات بني كعب بن العنبر من تميم كما تقدم، وبنو المصطلق تبرُّؤوا من أنهم يمنعون الزكاة إلا أن هذا يُناكِده بُعد ما بين الوقتين إلا أن يكون في تعيين سنة وفد بني تميم وَهَم.
وإعادة الخطاب بـ {يا أيها الذين آمنوا} وفصله بدون عاطف لتخصيص هذا الغرض بالاهتمام كما علمت في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي}.
فالجملة مستأنفة استئنافًا ابتدائيًا للمناسبة المتقدم ذكرها.
ولا تعلق لهذه الآية بتشريع في قضية بني المصطلق مع الوليد بن عقبة لأنها قضية انقضت وسُويت.
والفاسق: المتصف بالفسوق، وهو فعل ما يحرمه الشرع من الكبائر.
وفسر هنا بالكاذب قاله ابن زيد ومقاتل وسهل بن عبد الله.
وأوثر في الشرط حرف {إن} الذي الأصل فيه أن يكون للشرط المشكوك في وقوعه للتنبيه على أن شأن فعل الشرط أن يكون نادر الوقوع لا يقدم عليه المسلمون.
واعلم أن ليس الآية ما يقتضي وصف الوليد بالفاسق تصريحًا ولا تلويحًا.
وقد اتفق المفسرون على أن الوليد ظنّ ذلك كما في (الإصابة) عن ابن عبد البر وليس في الروايات ما يقتضي أنه تعمد الكذب.
قال الفخر: «إن إطلاق لفظ الفاسق على الوليد شيء بعيد لأنه توهَّم وظن فأخطأ، والمخطئ لا يسمى فاسقًا».
قلت: ولو كان الوليد فاسقًا لما ترك النبي صلى الله عليه وسلم تعنيفه واستتابته فإنه روى أنه لم يزد على قوله له «التبيّن من الله والعجلة من الشيطان»، إذ كان تعجيل الوليد الرجوع عجلة.
وقد كان خروج القوم للتعرض إلى الوليد بتلك الهيئة مثار ظنِّه حقًا إذ لم يكن المعروف خروج القبائل لتلقّي السعاة.
وأنا أحسب أن عملهم كان حيلة من كبرائهم على انصراف الوليد عن الدخول في حيّهم تعيُّرًا منهم في نظر عامتهم من أن يدخل عدوّ لهم إلى ديارهم ويتولى قبض صدقاتهم فتُعيرهم أعداؤهم بذلك يمتعض منهم دهماؤهم ولذلك ذهبوا بصدقاتهم بأنفسهم في رواية أو جاؤوا معتذرين قبل مجيء خالد بن الوليد إليهم في رواية أخرى.
ويؤيد هذا ما جاء في بعض روايات هذا الخبر أن الوليد أعلم بخروج القوم إليه، وسَمع بذلك فلعل ذلك الإعلام موعَز به إليه ليخاف فيرجع.
وقد اتفق من ترجموا للوليد بن عقبة على أنه كان شجاعًا جوادًا وكان ذا خلق ومروءة.
واعلم أن جمهور أهل السنة على اعتبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عدولًا وإن كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به فهو من أصحابه.
وزاد بعضهم شرط أن يروي عنه أو يلازمه ومال إليه المازري.
قال في (أماليه) في أصول الفقه «ولسنا نعني بأصْحَاب النبي كل من رآه أو زاره لمامًا إنما نريد أصحابه الذين لازموه وعززوه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه وأولئك هم المفلحون شهد الله لهم بالفلاح» اهـ.
وإنما تلقف هذه الأخبار الناقمون على عثمان إذ كان من عداد مناقمهم الباطلة أنه أولى الوليد بن عقبة إمارة الكوفة فحملوا الآية على غير وجهها وألصقوا بالوليد وصف الفاسق، وحاشاه منه لتكون ولايته الإمارة باطلًا.
وعلى تسليم أن تكون الآية إشارة إلى فاسق معين فلماذا لا يحمل على إرادة الذي أعلم الوليدَ بأن القوم خرجوا له ليصدّوه عن الوصول إلى ديارهم قصدًا لإرجاعه.